تعد الدراسة في الخارج من أكثر التجارب ثراءاً وإثارة، إلا أنها تأتي بتحدياتها أيضاً، إذ يعاني أغلب الطلاب أثناء الدراسة في الخارج من عدم قدرتهم على الاندماج والتوفيق بين ثقافتهم وثقافة المجتمع الجديد، ما يؤدي إلى ميلهم للعزلة والنظر بصورة سلبية إلى محيطهم، فيما يعرف بالصدمة الثقافية.
ما هي الصدمة الثقافية أثناء الدراسة في الخارج؟
الصدمة الثقافية أثناء الدراسة في الخارج هي حالة من الارتباك التي يشعر بها الطالب عندما يتعرض فجأة لثقافة جديدة عليه أو طريقة عيش مختلفة تخص اللغة أو المناخ أو القيم أو القواعد بشكل عام.
حسب الرابطة الوطنية الأمريكية للإرشاد الأكاديمي (NACADA)، فإن الطالب يمر بأربعة مراحل أثناء الدراسة في الخارج: في البداية يشعر الطالب بالحماسة والإثارة لكونه سينتقل للعيش في بلد جديد يحمل له فرصاً عظيمة، ثم يبدأ في الشعور بالإحباط عندما لا يستطيع فهم اللغة المحلية وعادات أهل البلد وأسباب فعلهم لما يفعلونه، وبعد فترة من المحاولات المجهدة ينسجم الطالب مع المجتمع الجديد، ويجد نفسه أكثر راحة في التعامل مع محيطه. وأخيراً، يصل الطالب إلى مرحلة التقبل لثقافة ذلك المجتمع، بل واعتبار نفسه جزءاً منها.
في هذا المقال، نوضح لك أهم 7 نصائح تستطيع الاستفادة منها للاندماج في مجتمعك الجديد والوصول إلى مرحلة تقبل ثقافته والتغلب على الصدمة الثقافية.
اقرأ أيضاً: الدراسة في الخارج بعد الثانوية: أفضل التخصصات العلمية للمستقبل
1- تزيد من احترام الآخرين لك.. اعتز بثقافتك
ربما تكون هذه النصيحة هي الأهم في طريقك للاندماج والتغلب على الصدمة الثقافية التي قد تحدث لك أثناء الدراسة في الخارج.
يتخلى كثير من الطلاب الدوليين الذين يدرسون في الخارج عن ثقافتهم ويحاولون الانصهار بشكل كلي في الثقافة الجديدة، وهذه استراتيجية قد تكون خاطئة بنسبة كبيرة. الواقع يقول أنك فريد من نوعك كإنسان له تجربته الخاصة في هذه الحياة، وثقافتك تضيف لذلك المزيج الفريد الذي أنت عليه. وأثناء الدراسة في الخارج، ستراك الثقافة المحلية في البلد الذي تدرس فيه فريداً أيضاً، لأنك تجلب لها شيئاً جديداً عليها لم يألفه معظم أهلها، وهو ثقافتك.
الاعتزاز بمحاسن وإيجابيات الثقافة التي تحملها، ومشاركتك إياها مع الآخرين من حولك كجزء من هويتك، وتقبلك للاختلاف بينها وبين الثقافة المحلية دون التركيز على سلبياتها من وجهة نظرك، كل ذلك سيزيد من احترام الآخرين لك ولثقافتك، وسيسهل عليك التغلب على الصدمة الثقافية والاندماج بصورة أفضل مع محيطك دون أن تشعر بأنك أصبحت شخصاً غريباً لا ينبغي لك أن تكونه.
اقرأ أيضاً: الدراسة في الخارج بعد الثانوية 2021
2- انجز واجبك المنزلي في التعرف على مجتمعك الجديد
اقض وقتاً على محركات البحث لتجميع معلومات مفيدة عن مجتمعك الجديد. ما هي أهم المدن في ذلك البلد؟ ما هي أشهر المأكولات والمشروبات؟ ما هي العادات الأكثر انتشاراً؟ المناخ؟ ما هو التاريخ الذي يعتز به أهل ذلك البلد؟ الكتب والروايات الأكثر مبيعاً؟ المسلسلات الأكثر مشاهدة على Netflix؟ ما الأخبار التي يتفاعل معها أهل البلد حالياً؟ كلها أشياء تعطيك نظرة شاملة على ذلك المجتمع، وإذا استطعت تحليلها جيداً، ستخبرك كيف تندمج مع ثقافة أهل البلد بصورة فعالة، والتقليل من الصدمة الثقافية.
اقرأ أيضاً: بوابتك للدراسة في الخارج: أهم 6 اختبارات للقبول في الجامعات العالمية
3- أطلق العنان لفضولك.. لا تتردد في طرح الأسئلة
الآن وقد جمعت أكبر قدر من المعلومات عن بلدك الجديد، حان وقت المفاجآت غير المتوقعة! الأكل وطريقته، وأنواع المشروبات المتاحة، والملابس، والتحية، والهدايا، والأسئلة، كلها أشياء قد تظن أنك لن تواجه فيها مشكلات كثيرة، لكنها في الحقيقة قد تسبب لك المتاعب، إذ إنك لن تستطيع أن تلم بها جميعاً قبل أن ترتكب العديد من الأخطاء.
في الولايات المتحدة مثلاً، يتوقع منك النادل أن تترك من 10 إلى 20% من قيمة الفاتورة كبقشيش. ربما تقول في نفسك سأدفع حسب رغبتي أو لن أدفع على الإطلاق، لكن الخدعة هنا أن البقشيش إلزامي! هذا مثال واحد على شيء بسيط كالبقشيش يجب عليك مراعاته، لكن كيف ستعرف ذلك إن لم تسأل؟
طرح الأسئلة سيجنبك الكثير والكثير من المواقف المحرجة التي قد تجد نفسك فيها دون قصد، وسيعرفك على أسباب كثير من الأشياء التي أرقت تفكيرك في سعيك لإيجاد منطق لحدوثها، كما أنه سيعطي عنك انطباعاً جيداً لدى المحليين من حولك بأنك مهتم بثقافتهم وتقاليدها وتحاول قدر استطاعتك أن تتعرف عليها وعلى أصولها، طالما كانت أسئلتك تنم من احترام وفضول حقيقي.
اقرأ أيضاً: حلم الدراسة في أوروبا 7 دول أوروبية مصاريف الدراسة فيها تقترب من الصفر
4- تذكرتك لفهم الثقافة.. تعلم اللغة المحلية
حسب دراسة أجراها الباحثان Guy Kellog وHanh Thi Nguyen من جامعة Kapi’olani Community College الأمريكية، فإن تعلم اللغة المحلية لبلد ما يساعد على فهم أعمق لثقافتها عن طريق زيادة قدرة المتعلم على تحليل الأفكار النمطية Stereotypes عن هذه الثقافة.
لذلك، فلا توجد طريقة للاندماج والتغلب على الصدمة الثقافية أثناء الدراسة في الخارج أفضل من تعلم اللغة المحلية للبلد الذي تدرس فيه، إذ إن العلاقة بين الثقافة واللغة هي علاقة من التأثير المتبادل.
تعلمك اللغة المحلية سيزيد من فهمك لتلك الثقافة وتقديراً لها، وفي رحلتك لتعلم تلك اللغة، ستشعر أنها باتت جزءاً منك، وأنك قادر على التفاعل معها والإضافة لها من ثقافتك. لا يوجد حد للمغامرات التي ستوقعك فيها رحلتك لتعلم اللغة مع السكان المحليين، كثير منها سيكون إيجابياً، وبعضها سيكون مادة هزلية للسخرية تتناولها مع أصدقائك، لذلك فتعلم اللغة المحلية شرط أساسي كي تجعل من الثقافة الأخرى جزءاً منك.
اقرأ أيضاً: لطلاب الثانوية: أفضل 6 دول يمكنك دراسة البكالوريوس فيها باللغة الإنجليزية
5- ابن علاقات مع أبناء ثقافتك أثناء الدراسة في الخارج
سيمكنك بناء علاقات مع أبناء ثقافتك والدعم الذي ستحصل عليه منهم أثناء الدراسة في الخارج من تقليل شعورك بالوحدة والانعزال وزيادة إقبالك على الحياة العامة في بلدك الجديد، خصوصاً في بدايات دراستك في الخارج.
تشارُك الخبرات بينكم سيؤدي إلى قدرتك على تعميق فهمك لشكل التجربة التي يعيشها أبناء ثقافتك في ذلك البلد، وبالتالي تجنب أغلب المشكلات التي قد توقعك فيها قلة خبرتك. أيضاً، ستستطيع عن طريق بناء تلك العلاقات أن توسع شبكة علاقاتك لتشمل أصدقائهم من السكان المحليين! ما يساعدك على بناء أساس قوي لتعايشك في المجتمع الجديد.
اقرأ أيضاً: الدراسة في الخارج لطلاب الثانوية: أفضل 5 تخصصات واعدة قد تغير حياتك
6- ابدأ روتيناً وأضف إليه مع الوقت
الروتين هو الكلمة المفتاحية لمساعدتك على التأقلم مع مجتمعك الجديد. يبعث الروتين في أنفسنا شعوراً بالأمان نحتاجه جميعاً في البيئات الغريبة علينا، لأن الأمان هو الذي يعطينا مساحة من الراحة في التفكير تجعلنا أكثر قابلية للانسجام مع محيطنا والاندماج فيه.
ابدأ بتخصيص ساعات يومك لأنشطة أساسية ومحددة تكررها كل يوم حتى تعتادها، فمثلاً حدد وقتاً بيومك لممارسة الرياضة في الهواء الطلق، ووقتاً للجامعة، ووقتاً لمحادثة أهلك وأصدقائك، ووقتاً للمذاكرة، وبمرور الوقت ستجد نفسك متحكماً بيومك وقادر على زيادة مساحتك الآمنة وإضافة أنشطة جديدة تساهم في اندماجك بالمجتمع من حولك.
اقرأ أيضاً: أفضل 5 طرق للدراسة في الخارج بأقل التكاليف
7- كن متقبلاً للاختلاف، وركز على الأشياء المشتركة
الاختلاف هو الصفة الأكثر تشابهاً بين الثقافات؛ لا بد من أن تجد اختلافات بين ثقافتك والثقافة المحلية للبلد الذي قررت الدراسة فيه. قد يكون ذلك الاختلاف جانبياً، كطريقة أهل تلك الثقافة في الحديث أو الأكل أو الملابس، وقد يكون جوهرياً كالدين أو القيم أو العلاقات.
في الحقيقة، لا يجب عليك أن تحترم كل هذه الاختلافات، فبعضها قد يكون غير جدير بالاحترام من وجهة نظرك، ولا يستطيع أحد إرغامك على احترام شيء ضد رغبتك، لكن هناك فارق كبير بين الاحترام والتقبل، ففي حين أنه لا يجب عليك أن تحترمها بالضرورة، يجب عليك أن تتقبلها كجزء من المجتمع الذي وفدت إليه، وأن تحاول التعايش معها دون أن تدخل في صدامات تؤدي في النهاية إلى شعورك بالنبذ واستسلامك للصدمة الثقافية التي قد تكون اختبرتها عند مقابلتك لتلك الاختلافات لأول مرة. لذلك، فتقبل الاختلاف ضروري لتشعر أنك في بلدك الثاني طوال مدة دراستك في الخارج.
بناءاً على النقطة السابقة، فالاختلافات ليست وحدها العامل المحدد لشكل العلاقة بين الثقافات، ولكن أيضاً توجد العديد من الأشياء المشتركة بينها التي تجعل بعض الثقافات مألوفة لبعضها الآخر. تبني الدول والعائلات تحالفاتها وعلاقاتها مع أقرانها على أساس تلك الأشياء المشتركة، فلماذا لا تفعل أنت ذلك أثناء الدراسة في الخارج؟ دوماً ستجد صفات وعادات حميدة تتشاركها ثقافتك مع الثقافة الأخرى قد تمثل لك نقطة انطلاق في التعايش مع تلك الثقافة، وكلما ركزت عليها واهتممت بإظهارها وتقويتها، كلما مثلت لك جسوراً متينة تستطيع عبورها لفهم الجانب الآخر والاندماج معه.
اقرأ أيضاً: طالبة في الثانوية وتريدين الدراسة في الخارج؟ 7 نصائح هامة
المصادر
Muhammad Addam
تصفح المقالاتنرشح لك هذه المقالات
الحقيقه وراء اهتمام الجهات المانحه بالانشطة التطوعيه
الحقيقه وراء اهتمام الجهات المانحه بالانشطة التطوعيه قبل الحديث عن اهميه الانشطه التطوعيه يجب ان نعرف اولا ان الجهات المانحه تهدف الي احداث تاثير ايجابي عليك وعلي المجتمع باموالها. الانشطه التطوعيه تعني انك تستخدم كل ما تملك من مهارات ومعرفه وقدرات بهدف افاده المجتمع بدون مقابل مادي وهذا ينبع بشكل كبير من شخصيتك الحريصه علي […]
كيفية تحقيق الأهداف.. إليك نصائح وطرق عملية مجربة
“تذكر أن الهدف، طالما لم يكن مكتوبًا باللون الأسود على أبيض، يظل مجرد أمنية .. فالقلم الرصاص والورقة ينشطان العقل الباطن ويبرمجان الهدف”. رونا هيرمان وكما يقول برايان ترايسي” وضع الأهداف يُتيح لك توجيه رياح التغيير لصالحك” ليكمل روبرت إتش شولر “بأن إنجازات اليوم هي مخاوف البارحة” ورقتين! لنجلس معاً على نفس […]
أفضل 10 مواقع لإنشاء قوالب وعروض تقديمية (Powerpoint) بسهولة
يبحث الكثيرون عن قوالب أو عروض تقديمية جاهزة، بدلًا من بذل الكثير من الجهد لإتمامها. نتحدث معكم هنا عن أهم المواقع التي تقدم القوالب والعروض التقديمية (powerpoint) بشكل سهل. “شكرًا لكم” هذا ما ستنطق به بكل ثقة بعد انتهائك من عرضك التقديمي الرائع، الذي سيُذهل جمهورك، ويجعلهم يقفون تصفيقًا وإعجابًا لك، مشهد مُبهج صحيح! لا […]
7 أشياء مفيدة يمكنك عملها في فترة الكورونا (COVID-19)
تأتي فترة الكورونا (COVID-19) بتحديات كثيرة لك إذا كنت طالباً بغض النظر عن نوع دراستك، منها ما هو نفسي وجسدي نتيجة للعزلة المستمرة، ومنها ما هو مادي نتيجة لعدم القدرة على التكسب من العمل مثل ذي قبل. القلق المتزايد وأعراض الاكتئاب الظاهرة وانخفاض الدخل والتخوف بشأن المستقبل كلها تأثيرات خلفتها الكورونا على الطلاب حسب بحث […]
ابنك في الثانوية هذا العام؟ 5 نصائح هامة للأهالي وأولياء الأمور أثناء الثانوية
لو سألت أهالي الطلاب عن أكثر لحظاتهم قلقًا على مستقبل أولادهم بدءًا من يوم ولادتهم لأجاب غالبيتهم بالطبع بالثانوية، تلك المرحلة التي تأخذ كل اهتمام الأهالي وأولياء الأمور بدرجة تجعل منهم وكأنهم هم من يدرسون ويختبرون، وليسوا أبناءهم. هذا لأن الثانوية وبالتحديد الثانوية هذا العام لا تزال في مجتمعاتنا مرحلة مفصلية في مستقبل الابن والابنة، […]