نستكشف الآن مهارتي القراءة والكتابة، وهما المهارتان التاليتان في طريقنا لتعلم اللغة، ويعتبران من أكثر المهارات التي يواجه فيها المتعلمون صعوبة في تعلمها، نظراً لأنهما يتطلبان تفاعلاً أعمق مع اللغة يزيد درجة عن الاستماع والتحدث. لكن قبل أن ننخرط في الحديث عن مهارتي القراءة والكتابة، هل تسائلت يوماً كيف يتعلم الأطفال اللغة؟ ينامون ثم يجلسون ثم يحبون، ثم يتكلمون قبل أن تنتبه! كيف انتقلوا من النوم إلى الكلام بهذه السرعة؟ وهل هناك ما يمكن أن نتعلمه من الأطفال حول تعلم اللغة؟
يتعلم الأطفال اللغة في سنواتهم الأولى بطريقة تدعى الاكتساب (Language Acquisition)، وهي طريقة يمكن استخدامها لتعلم اللغة في أي مرحلة عمرية، وتعتمد بالأساس على عملية التعلم اللا واعي (Unconscious Learning)، حيث تمر عبر ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى: التواصل “مع” اللغة
في البداية، تبدو اللغة بالنسبة إليك نوعاً من الضوضاء التي قد لا تفهم منها حرفاً، تماماً كالطفل الصغير. وكالطفل الصغير أيضاً، سيتوجب عليك في تلك المرحلة الاستماع إلى مقاطع صوتية مبسطة وسهلة تحتوي على أكثر الكلمات الشائعة من تلك اللغة، بالإضافة إلى محاولة تدريب عينيك على القراءة حتى تستطيع أن تمتلك حساً لغوياً خاصاً بتلك اللغة يساعدك على فهم طريقة عملها واكتسابها، وتأخذ هذه المرحلة ما بين 60 إلى 90 ساعة في المتوسط.
اقرأ أيضاً: دليلك الكامل للاستعداد لاختبار الآيلتس (IELTS) خطوة بخطوة
المرحلة الثانية: التأقلم مع اللغة
في هذه المرحلة، والتي تأخذ ضعف عدد ساعات المرحلة الأولى، يجب عليك أن تحاول زيادة مدى معرفتك باللغة حتى تستطيع أن تتعامل معها بسهولة دون أن تجد صعوبة كبيرة، ويتم هذا عن طريق الاستماع إلى المحادثات والبودكاست بشكل رئيسي، لأنها تحتوي على أهم المفردات الشائعة التي ستمكنك من التأقلم مع اللغة، كما يتوجب عليك أيضاً قراءة المقالات المتخصصة والكتب البسيطة وتعلم المفردات الجديدة بها حتى تزيد من حصيلتك اللغوية. في هذه المرحلة أيضاً ستبدأ في التحدث والكتابة. لن تكون مقدم برامج أو أديباً بالطبع، لكنك سوف تستطيع التعبير عن نفسك بصورة طبيعية.
اقرأ أيضاً: اختبار التوفل TOEFL.. طريقك للدراسة في الخارج
المرحلة الثالثة: التطوير المستمر
في هذه المرحلة لم تصل إلى مرحلة الامتياز، ولكنك تتطور بشكل ملحوظ، وتستطيع سماع وقراءة أي شيء يهمك بلغتك الجديدة. ربما لن تفهم جزءاً كبيراً منه، لكنك تضيف إلى مفرداتك باستمرار وتفهم قواعداً جديدة من اللغة. بمجرد وصولك إلى هذه المرحلة، فإنك قد وصلت إلى مستوى تستطيع معه الانطلاق في تعلم اللغة بأريحية تامة دون إطار زمني محدد، وسوف تستطيع تقوية مهارتي التحدث والكتابة لديك عن طريق تفاعلك مع محيطك بلغتك الجديدة، ومحاولة إدخالها في تفاصيل حياتك اليومية.
اقرأ أيضاً: اختبار التوفل TOEFL.. طريقك للدراسة في الخارج
تعلم اللغة: مهارتي القراءة والكتابة
يعتمد التواصل الأكاديمي والمهني بالأساس على القراءة والكتابة، كما أنهما جزءان رئيسيان في جميع اختبارات اللغة، وتؤدي الأخطاء فيهما إلى تصويرك كشخص لم يتلق تعليماً جيداً، ويمكنها كذلك أن تؤدى إلى سوء الفهم في التواصل، لذلك فإن إتقان القراءة والكتابة في أثناء تعلمك للغة جديدة ليس خياراً، بل أساس ينبني عليه قياس جودة تعلمك لتلك اللغة.
تعتمد ممارستك لمهارتي القراءة والكتابة على حصيلتك اللغوية وفهمك لتركيب الجملة في اللغة الجديدة، ويتم هذا في المراحل الأولى من تعلمك للغة عن طريق الاستماع المكثف ومحاولة التحدث، كما ذكرنا في الدرس السابق. بمجرد وصول حصيلتك اللغوية لمستوى مقبول (من 1000 إلى 3000 كلمة) واستطاعتك التعرف على أنواع الجمل في النص، سوف تستطيع البدء في القراءة والكتابة بصورة قابلة للتطوير المستمر، وستقل الصعوبة التي تواجهها بالتدريج حتى تصل إلى مستوى يؤهلك لقراءة وكتابة نصوص كاملة بلغتك الجديدة.
في هذه الوحدة، نستعرض معاً أهم النصائح التي يمكنك الاعتماد عليها لتطوير مهارتي القراءة والكتابة في أثناء تعلمك للغة جديدة.
اقرأ أيضاً: جامعات ألمانيا أم الجامعات المصرية الخاصة؟ استعد للمفاجأة
وزع وقتك بين القراءة المركزة والقراءة المسترخية
ربما تظن أن الطريقة الأسرع لتعلم القراءة في لغتك الجديدة هي أن تختار قراءة أصعب النصوص المتاحة والإمساك بقاموس طوال القراءة، لكن أكثر العوامل فاعلية في تعلم القراءة ليس جودة النص المقروء، بل كمية النصوص المقروءة.
نعم، الإمساك بقاموس وقراءة نص صعب هو شيء مطلوب لزيادة حصيلتك اللغوية وتحسين قدرتك على قراءة لغتك الجديدة، لكنك إن جعلت جميع قراءاتك من تلك العينة، فإنك تحكم على تجربة التعلم بالفشل الذريع. الكسل ليس شيئاً سيئاً على طول الخط، ومن المواضع القليلة التي يكون فيها الكسل شيئاً حسناً هو تعلم لغة جديدة. لا تعمل باجتهاد كبير وتسهر ليال طوال في تعلم اللغة وقراءة نصوصها، ولكن حاول أن تقسم وقتك بين القراءة الصعبة وما ندعوه بالقراءة المسترخية؛ أي التي لا تبذل فيها جهداً ذهنياً كبيراً لمحاولة فهم ما تقرأ.
بالنسبة للقراءة الصعبة، يمكنك أن تختار نصوصاً في المجال الذي تود دراسته على سبيل المثال، وتحاول قراءتها ممسكاً بقاموس متخصص يساعدك على الفهم ويضيف إلى حصيلتك اللغوية. حاول أيضاً أن تقرأ تلك النصوص أكثر من مرة لاستيعابها بشكل مناسب، فيمكنك البدء بالقراءة العامة للنص ثم محاولة الغوص في التفاصيل ثم العودة مرة أخرى إلى القراءة العامة، وهكذا.
أما بالنسبة للقراءة المسترخية، فيمكنك اختيار نصوص أقل صعوبة وأكثر متعة، مثل القصص والروايات والأشعار السهلة التي تعطيك دافعاً للاستمرار في القراءة، كما يمكنك قراءة كلمات الأغاني أثناء الاستماع إليها.
اقرأ أيضاً: خطوة بخطوة.. كيف تتعلم الألمانية بسهولة
اشترك في محادثات مكتوبة (Chatting)
من الطرق الفعالة لاكتساب مهارة الكتابة في لغتك الجديدة هي أن تشترك في محادثات ونقاشات مكتوبة عن أشياء تهمك مع متحدثي اللغة التي تود تعلمها، وأفضل وسيلة لذلك هي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تساعدك تلك المحادثات والنقاشات على ممارسة مهارة الكتابة دون الشعور بالملل، وتحول الكتابة إلى فعل روتيني بالنسبة إليك كالحديث تماماً، فلا تشعر بأنك تقوم بعمل يتطلب منك جهداً، وقبل أن تنتبه ستكون قد وصلت إلى مستوى جيد فيها.
حاول في أثناء تلك المحادثات أن تستخدم برامج الترجمة مثل Google Translate لفهم الكلمات والجمل التي قد لا تفهمها من الوهلة الأولى، ثم إعادة استخدامها في المحادثة. يؤهلك ذلك لزيادة حصيلتك اللغوية عن طريق التكرار، ودون أن تشعر.
اقرأ أيضاً: الدراسة في أوروبا مجاناً: أفضل الجامعات للطلاب الدوليين
دون الكلمات الجديدة
تدوينك للجمل والكلمات الجديدة في مفكرة تحملها معك طوال الوقت سيساعدك على زيادة حصيلتك اللغوية والتعرف على تلك الكلمات والجمل في أثناء القراءة واستخدامها في كتابتك فيما بعد. أياً كان المصدر الذي ستجد فيه هذه الكلمة أو الجملة الجديدة، سواءاً كان عبر الإنترنت أو عن طريق كتاب أو قاموس، حاول أن تدونها وتقرأها يومياً قراءة سريعة حتى تثبت في عقلك، وحاول أيضاً أن تستخدم تلك الكلمات والجمل في محادثاتك المكتوبة وأن تضيف إليها بصورة مستمرة بمجرد أن تشعر بحفظك لما سبق.
اقرأ أيضاً: الدراسة في أمريكا: جامعات أمريكية سهلة القبول للطلاب الدوليين
اكتب عن مواضيع بسيطة
كمبتدئ في تعلم اللغة، لا ينبغي عليك في ممارستك للكتابة التركيز على المواضيع المعقدة التي تتطلب حصيلة لغوية كبيرة وبناءاً متعدد المفاهيم. كقاعدة، يفضل أن تبدأ في الكتابة عن أشياء تستطيع الإمساك بها أو الإشارة إليها وليس المفاهيم النظرية مثل العلوم والفلسفة، ومن أمثلة تلك المواضيع هي عائلتك ومنزلك وغرفتك ومدينتك، أو روتينك اليومي وما تفعله في عطلة نهاية الأسبوع.
حاول أن تخصص وقتاً أسبوعياً لمحاولة وضع أفكارك في صيغة مكتوبة، بحيث تدرب عقلك على استذكار الكلمات والجمل التي حفظتها بالإضافة إلى تدريبه على شكل الجملة في لغتك الجديدة. أيضاً، حاول في كتاباتك أن تستخدم جملاً قصيرة وصحيحة نحوياً؛ سيعطيك ذلك ثقة كبيرة في نفسك تساعدك على الاستمرار في الكتابة وملاحظة تطورك.
اقرأ أيضاً: الدراسة في فرنسا وأفضل الجامعات لدراسة البكالوريوس
انضم إلى نادي للقراءة بلغتك الجديدة
هل هناك طريقة أفضل لتعلم اللغة من جعل تعلمها نشاطاً اجتماعياً تقوم به بصورة متكررة مع متعلمين آخرين؟ لا أظن ذلك. الأنشطة الاجتماعية في تعلم اللغة مهمة للغاية، لأنها تقلل من عامل الملل في رحلة التعلم وتشجعك على الاستمرار. كل ما عليك فعله هو تجميع أشخاص آخرين لديهم شغف بتعلم اللغة التي تريد تعلمها وإنشاء ناد للقراءة تجتمعون فيه لمناقشة ما تتعلمونه من قراءاتكم في اللغة.
هناك ميزتين رئيسيتين من إنشاء ناد للقراءة، الأولى هي أنه يتيح لك وجود مجتمع داعم لك تستطيع الرجوع إليه في الأمور التي قد لا تفهمها وتبدو معقدة بالنسبة إليك، والثانية هي أنك ستستطيع ممارسة القراءة والتحدث والاستماع دفعة واحدة، ما يزيد من مهاراتك اللغوية على أكثر من مستوى.
اقرأ أيضاً: دليلك لاختبار التوفل TOEFL: كيف تحقق أعلى الدرجات؟
Muhammad Addam
تصفح المقالاتنرشح لك هذه المقالات
أثناء الدراسة في الخارج.. أفضل 4 مصادر موثوقة لكسب المال
لا شك أن السفر إلى بلد أجنبي والدراسة في الخارج تعد من التجارب المميزة التي يمكن لأي طالب أن يعيشها، فبهذه التجربة سترى العالم كما لم تره من قبل، وتختبر ثقافة جديدة عليك، وتحصل على تعليم دولي مرموق يؤهلك لسوق تنافسي عالمي لا يعترف إلا بالأفضل. لتكتمل تجربتك بالدراسة في الخارج بعد انتهائك من الثانوية، […]
كيف تختار الجامعة المناسبة من أجل الدراسة بالخارج؟
كيف تختار الجامعة المناسبة من أجل الدراسة بالخارج؟ كيف تختار الجامعة المناسبة من أجل الدراسة بالخارج؟ اختيار الجامعة قبل الدراسة بالخارج أمرٌ مثير، هناك أوكسفورد وكاميردج وهارفارد، جميعها أسماء جامعات عريقة، كنا نسمعها قديمًا ونحلم بالدراسة بها يوما ما، لكن بمرور الأعوام ومع وجود الكثير من فرص الدراسة بالخارج والتي تزيد يومًا بعد آخر وإنفاق […]
أهم 7 مميزات للدراسة في فنلندا سترسم طريق سعادتك
للدراسة في فنلندا فوائد عدة، فهي ليست مجرد تجربة للسفر والدراسة في الخارج فحسب، بل هي شيء فريد قد يغير من حياتك. يقول باولو كويلو: ” إن سر السعادة هو أن ترى روائع الدنيا” ! وبما أن لا مقياس يحدد سعادة الناس، فالبعض يربطها ببناء عائلة، والآخر بالنجاح في دراسته وهكذا …! وإن كنت ممن يحلم […]
جامعات ألمانيا أم الجامعات المصرية الخاصة؟ استعد للمفاجأة
إذا كنت قادراً على دراسة البكالوريوس في أفضل الجامعات المصرية الخاصة، فربما تكون قادراً أيضاً على الدراسة في أفضل جامعات ألمانيا! في الحقيقة، ربما تكون دراسة البكالوريوس في أفضل جامعات ألمانيا أيسر بالنسبة إليك من دراسته في أفضل الجامعات المصرية الخاصة من حيث التكاليف وأفضل لك من حيث جودة التعليم. كيف ذلك؟ في هذا المقال […]
لا تتخرج حتى تُحقق تلك الأمور
لا تتخرج حتى تُحقق تلك الأمور لا ريب أن فترة الدراسة من أهم الفترات في حياة الإنسان، فهي إما توجهه نحو القمة وإما أن تهدم له كُل أحلامه، فمما لا شك فيه أن هذه الفترة والتي تُمثل زهرة شباب الكثيرين أهم حتى من فترات الدراسة الأخرى وذلك لما تُقدمه من فرص عليك استغلالها بشكل صحيح […]