يعتبر تعلم اللغات أمرا يتطلب الكثير من الوقت و الجهد و الصبر، و لكنه أمر ضروري من أجل النمو الشخصي و كذلك للحصول على فرص لا يستطيع متقن اللغة الواحدة الوصول إليها. ماذا لو كانت هناك وصفة سحرية تجعلك تتعلم أي لغة في أقل من 12 أسبوع؟ إن كنت تظن أن الأمر مستحيل فتابع القراءة.
تعلم اللغات بين الماضي والحاضر
يهيم المرئ في العصر الحالي بين دهاليز التكنولوجيا مذهولًا بآخر الابتكارات العلمية، فهاتفك الذكي قادر على القيام بعمليات حسابية معقدة تستطيع أن ترسم مسار مكوك فضائي نحو القمر.
وقادر أيضا على الاتصال بصديقك الأجنبي في دولته الأم التي تبعد عنك مئات الكيلومترات و عدد ليس بقليل من الساعات بسهولة عجيبة.
لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة قبل المئة سنة فقط, فالإنسان قبل مئة سنة فقط كان يصارع الأمواج و قطاع الطرق و الطرق الوعرة، لكي يصل إلى الضفة الأخرى من نفس البلاد فما بالك بعناء الوصول لبلاد أخرى.
وهنا كانت دراسة اللغة مقرونة فقط بالطبقة البرجوازية القادرة على دفع تكاليف دراستها، و التي كانت تهتم بالجانب الأدبي و النحوي فيها بدل التحدث بها، لأن بعد كل شيء آخر السفر إلى بلاد أخرى كان ضربًا من الجنون و مليئا بالأخطار.
استلهمت هذه الطريقة في تدريس اللغة التي تسمى “ترجمة القواعد النحوية”, و بالإنجليزية (Grammar Translation) من طريقة تدريس اللغة اللاتينية و الإغريقية في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين.
أما الآن فالأمر مختلف تماما, فمع التطور الغير مسبوق في تاريخ البشرية و مع سهولة السفر للخارج، اكتسب تدريس و تعلم اللغات صبغة جديدة تهتم باستعمال اللغة أكتر من تقدير القواعد النحوية فيها.
وهنا ظهرت عدة منهجيات في التدريس منها “طريقة الفهم”, و بالإنجليزية (Comprehension Approach) التي تحاكي مراحل تطور اللغة لدى الطفل، حيث أنها لا تحتم على المتعلم التحدت إلا عندما يشعر بأنه قادر على التحدث.
ولكن أكثر المنهجيات انتشارًا هي “طريقة التواصل”، و بالإنجليزية (Communicative Approach) و التي تهدف إلى الربط والصلة بين الناس من أجل خلق فرص جديدة للتعلم، وكذلك استعمال اللغة بطريقة تجعل منها المنفذ نحو الانفتاح على الثقافات الجديدة و الحياة معها في جو من الود والوئام.
اقرأ أيضًا: التخصص الجامعي, دليلك لتخصصات البكالوريوس
كيف تخسر الرهان في تعلم اللغة
في أحد الأيام الجميلة في بلاد النبيذ و متحف اللوفر، فرنسا، كان هناك أستاذ لغة لاتينية يسمى فرونسوا غوين, كان ناجحًا جدًا و واثقًا من قدراته على تعلم اللغات بكل سهولة.
وأنت في القرن الواحد و العشرين تقرأ عن كيف تتعلم اللغات بسهولة و بسرعة، و تتمنى لو كنت مثل فرانسوا قادرًا على الحفظ السريع.
وفي خضم تخيلك كان النوم يداعب عينيك و على حين غرة تسقط قتيلًا للنوم على مكتبك، فقط لتدرك ذلك حين تستيقظ في الصباح.
تنظر للساعة في يدك اليسرى لترك أنك متأخر على موعد حصتك فتأخذ بسرعة محفظتك الجلدية وتسرع الخطى نحو الشارع لتنصدم من هول الموقف، تقف مندهشا، و تسمع من جانبك “صباح الخير سيد فرونسوا”، إن لم تصدق بعد، أمنيتك أن تصبح فرانسوا غوين قد تحققت.
بعد عدة أيام و بعد تقبل الأمر الواقع، تعكف في غرفتك و أمام أوراقك لدراسة اللغة الألمانية، تحفظ الأفعال و تستعرض عن ظهر قلب قواعد اللغة لأنك ستنتقل إلى هامبورغ للدراسة هناك.
وأنت كل الثقة أنك ستتحدث اللغة الألمانية بسلاسة، وحين وصولك لهامبورغ تدرك أن كل اعتكافك ذهب مع الريح لأنك لم تستطع أن تفهم كلمة واحدة مما قيل لك بالألمانية.
وبعد عدة محاولات أخرى باءت كلها بالفشل، اكتشفت صدفة ملاحظًا طفلًا من العائلة أن تعلم اللغة لا يقتصر على الحفظ بل على الفضول و استعمال اللغة بطريقة روتينية و مسترخية.
كل هذا كان مجرد حلم و مقلب من دماغك، ولكن لكي لا تخسر رهان تعلم أي لغة كما خسره فروسنوا غوين، يجب عليك أن تأخذ تعلم اللغة كلعب كرة السلة، حيت مهما كانت خطة اللعب متقنة، فهي بدون قيمة إن لم يكن هناك لاعبون قادرون على تنفيذها بمهارة.
فعلى متعلم اللغة أن يعطي 80 في المئة من وقته لممارسة اللغة و 20 في المئة فقط في تعلم القواعد و حفظها, فيما يعرف بقاعدة 80/20.
اقرأ أيضًا: أهم 8 معايير تساعدك لاختيار التخصص الجامعي المناسب
كيف تتعلم اللغة في أقل من 12 أسبوع
في دراسة لمؤسسة فريمان سبوغلي التابعة لجامعة ستانفورد، أكدت أن تعلم والوصول إلى مستوى يسمح بالتحدث بلغة معينة يحتاج بين 480 و 720 ساعة على الأقل.
في عام 2014 كانت نهاية رحلة البحث عن الذات و تعلم اللغات بنسبة إلى (Scott Young) و (Vat Jaiswal)، في هذه الرحلة قام الصديقان بالسفر حول العالم و تعلم 4 لغات هما الاسبانية و البرتغالية و الكورية و الصينية.
الآن قد تشعر بالدهشة من كم اللغات التي تعلمها هذان الصديقان و قد تسأل، كم من الوقت دامت هذه الرحلة؟ والجواب هو سنة، نعم سنة واحدة فقط أي بمعدل لغة لكل 12 أسبوع.
والآن تراودك الرغبة في معرفة كيف قام بذلك، و لربما لا تستطيع السفر إلى دولة أخرى مثل الصديقان، قبل الدخول إلى صلب الطريقة، إليك نصيحتين في تعلم أي لغة.
اقرأ أيضًا: أسهل 5 دول الهجرة بعد الدراسة في الخارج
أحِط نفسك بمن يتحدث اللغة
كم من مرة سمعنا عن أن شخصا قد عاش في دولة أجنبية لسنوات لكنه لا يتقن لغة تلك الدولة، و لطالما تسائلنا عن السبب، الذي تحيل معرفته إلى كيفية تعلم أي لغة في العالم بسرعة.
وهو أن من طبيعة الإنسان أن يحيط نفسه بأشخاص من ثقافة و عقلية مماثلة، وهذا الخطأ يقع فيه بعض الناس حين تعلمهم للغة جديدة، حيث أنهم يحيطون أنفسهم بأشخاص يتحدثون لغة مشتركة مما يجنبهم عناء الخطأ و الفشل و الإحراج الذي يأتي مع التحدث بلغة جديدة.
و على عكس فرونسوا غويين, تعلم اللغة يجب أن يكون كلعب كرة السلة حيث أن الممارسة من تحدث و استماع و كتابة و قراءة يجب أن تشكل 80 في المئة من مراحل تعلمك لتلك اللغة.
لا تخف من الخطأ
كسر حاجز الخوف من اللبنات الأساسية لتعلم أي شيء، ولكن في اللغات لديه أهمية خاصة، و هذا مابينه عالم النفس ستيفن كراشن في مفهوم “الفلتر العاطفي” و بالإنجليزية (affective filter) الذي ينص على أن كلما كانت الحالة النفسية للتلاميذ مستقرة و خالية من الخوف من اللغة كلما تعلموا بسرعة وكان تعلمهم دا نجاعة.
لذلك في المرة القادمة حين تشعر بالتوتر من استعمال اللغة، خذ نفسا عميقا و أطلق العنان للسانك متجاهلًا الإحساس بالخوف متذكرا عنوان كتاب سوزان جيفرز “اشعر بالخوف و اقدم على فعلك في كل حال” أو بالانجليزية (feel the fear and do it anyway ).
اقرأ أيضًا: لطلاب الثانوية: اكتشف تخصصات المستقبل
بالتفصيل كيف تتعلم أي لغة في 3 شهور فقط
إن كان موعد رحلتك إلى الدول الأجنبية التي تحلم بزيارتها لا يبعد سوى 3 أشهر من الآن، و تحتاج لتعلم لغتهم من أجل إثارة إعجاب السكان المحليين، أو فقط تتعلم اللغة من أجل متعة تعلمها، باتباعك لهذه الطريقة ستتعلم الانجليزية أو أي لغة أخرى في 12 أسبوع فقط.
الأساس, الشهر الأول
تعد قاعدة 80/20 قاعدة عالمية، ففي علم الاجرام تنص على أن 20 في المئة من المجرمين يرتكبون 80 في المئة من الجرائم، وفي الاقتصاد تنص على أن 20 في المئة من العمال يقومون ب 80 في المئة من العمل.
وفي تعلم اللغة تنص على أن 20 في المئة من عدد كلمات اللغة الانجليزية مثلًا هي المسؤولة عن 80 في المئة من الكلمات المستعملة أثناء الحديث.
في الأسبوعين الأول و التاني و التالت و الرابع، سيتوجب عليك أن تتقمص دور السباح الأولمبي الذي يقفز من ارتفاع عالي نحو بركة سباحة، لكن عكس السباح فأنت ستبقى في تلك البركة التي هي تعبير مجازي للغة الجديدة التي تتعلمها.
سوف تغمرك في البداية لكن سرعان ما ستكتشف أن باستطاعتك التنفس في هذا الوسط الجديد. في هذه الأسابيع الأربعة ستركز على تعلم أكثر المفردات استعمالًا في اللغة، و تعلم القواعد الأساسية التي تسير اللغة.
وكذلك فإن من المهم الانغماس في ثقافة اللغة المستهدفة كذلك، الاستماع إلى الأغاني ومشاهدة الأفلام باللغة التي تريد لشيء ضروري مثل ضرورة التحدث بها.
وهنا يمكنك أن تبدأ بترجمة الكلمات التي تريد أن توصل بها فكرتك و تستعمل القواعد التي تعلمتها من أجل ترتيبها في جملة مفيدة.
ولكن إحذر من فخ منطقة الراحة، حيث أن من الضروري الحفاظ على قدر من التحدي في تعلم اللغة.
التحدت, الشهر الثاني
مع الحفاظ على ما دأبت عليه في الأسابيع الأربعة الماضية، حيث أن تعلم كلمات جديدة و صقل ما تعلمته من قبل هو قرين يلازم اللغة أبدًا.
في هذا الشهر، وعكس صديقنا الذي عاش في دولة أجنبية لمدة طويلة دون أن يتقن لغتهم، يجب عليك أن تتحدث و تكتب، مع شخص حقيقي هذه المرة، و ايجاد يد المساعدة ليس بالأمر الصعب في عصر التكنولوجيا حيث أن بنقرة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي بامكانك أن تجد رفيقًا تتحدث إليه باللغة التي تتعلمها.
كما أن الكتابة عنصر أساسي في اللغة لذلك لا تنسى أن تتمرن على الكتابة.
باقي الأسابيع ليست إجازة
و الآن بعدما دقت مذاق اللغة الجديدة وبدأت تفهم المتحدثين بها و ثقافتهم، أصبحت تظن أن ما تعلمته يكفي لتنتقل إلى دولتك المنشودة دون أي صعوبة والتحدث مثل السكان المحليين.
في تعلم اللغة يجب أن تحذر من هذا الفخ، حيث أن معرفتك الأساسية باللغة التي اكتسبتها في الأسابيع الماضية لا تكفي، و يجب عليك أن تحافظ على ماتعلمته عن طريق ممارسته.
ففي الشهر الأخير يجب أن تحافظ على تعلم المفردات و القواعد، ويجب أن تحافظ على التحدث في مواضيع مختلفة من أجل إثراء سلة المفردات في دماغك.
وكذلك يجب أن تحافظ على الكتابة وقراءة الكتب و المقالات، فهذا الشهر عبارة عن شهر دفع النفس إلى ما وراء الأفق في تعلم اللغة.
اقرأ أيضا: أفضل 11 تطبيقا ستحتاج إليه للسفر و السياحة
كيف تتعلم اللغة الإنجليزية في 12 أسبوع فقط
و الآن بعدما تعلمت الطريقة، دعنا نطبقها، في الشهر الأول ستتعلم عن أكتر 2000 كلمة مستعملة في اللغة الإنجليزية و التي ستجدها هنا.لكن ولبعض التحدي سوف تقوم بترجمتها لمعرفة معانيها.
تم ستتعلم قواعد اللغة من نحو و صرف و تحويل، و التي ستطبقها في كتاباتك الأولية و حديثك مع نفسك أو المرآة إلى أن تكون مستعدًا للحديث في الشهر التاني.
ولا تنسى أن الغوص في الثقافة الانجليزية عن طريق مشاهدة الأفلام والاستماع للأغاني أو الراديو بالإنجليزية لأمر حيوي في تعلم اللغة.
في الشهر الثاني سوف تتحدث مع أحد أصدقائك الذين يتقنون اللغة الإنجليزية، و حافظ على نفسك الطويل في تعلم المفردات و القواعد فهي الدواء المر لكن الأساسي في تعلم أي لغة في العالم.
ولا تنسى أن الحفاظ على قدر من التحدي أثناء التعلم هو أساس التطور والاتقان.
و في الشهر الأخير ستشد الهمة و تمضي في تعلمك بنفس الطريقة مركزا على التعلم بنسبة 20 في المئة و التطبيق بنسبة 80 في المئة.
وفي آخر الشهر, و لما لا تمتحن نفسك عن طريق أحد امتحانات اللغة الإنجليزية مثل التوفل(TOEFL) و الايلتس(IELTS)؟
اقرأ أيضا: دليلك لاختبار التوفل TOEFL : كيف تحقق أعلى الدرجات
و أخيرا فممارسة اللغة بصفة مستمرة و الدفع المستمر نحو التحدي يخلق النمو و الاتقان الذي تبحث عنه، فحين يختلجك التعب و تود الاستسلام تذكر قول جنود القوات الخاصة للبحرية الأمريكية, “اليوم الوحيد السهل هو البارحة”.
المصادر
zakaria bychlifen
تصفح المقالاتنرشح لك هذه المقالات
في تركيا (MBA) دليلك الشامل لدراسة ماجستير إدارة الأعمال
منذ صغرك وأنت تتعلم كيف تدير واجباتك، مصروف جيبك وحتى وقتك الثمين. مفهوم الإدارة هو ظل الإنسان الذي يلازمه أينما حل وارتحل. بداخل كل إنسان نموذج مصغر لرجل الأعمال الذي ينتظر وقت اعتلائه المنصة ليظهر ما بجعبته من طاقات ومهارات. شئت أم أبيت، فأنت تمارس إدارة الأعمال يوميا من أبسط عمل تنجزه إلى أكثره […]
دليلك لأفضل المنظمات التطوعية الدولية بجامعتك
إن كنت غير متابع لما يحدث بجامعتك في السنوات القليلة الماضية، فربما لم تسمع عن المنظمات التطوعية مثل Enactus، أو TEDx، أو AIESEC، أو Hult Prize، أو MUN. لذلك، سنضع بين يديك المعلومات الأساسية عن تلك المنظمات التطوعية حتى تعرف عنها أكثر، وربما تتقدم للاشتراك بها. لكن، ما هي المنظمات التطوعية بالأساس؟ المنظمات التطوعية باختصار […]
5 طرق عملية تساعدك على التخلص من السلبية والنهوض بحياتك
قد نصِل أحيانًا لمرحلة من السلبية واليأس ونشعر أننا لا نقوى على مُجاراة الحياة بما فيها. يكون الأمر ثقيل جدًا عندما تحوم دوامة الأفكار السلبية دون توقف حولنا. جميعنا يعاني من هذه المشاعر السلبية التي تأتي بين الفينة والأخرى من مختلف الاتجاهات، إلا أنَ مُسببيهما الرئيسين هما الخوف من الماضي، والقلق من المُستقبل، ثم ضياعنا […]
الدراسة في الخارج: أهم 7 مميزات لتعلم اللغة الفرنسية
عند التفكير في السفر أو الدراسة في الخارج، غالباً ما تتبادر الأولوية لضرورة تعلم واكتساب اللغة الإنجليزية كما لو كانت الدراسة بالإنجليزية هي الخيار الوحيد المتاح؛ إلا أن الحقيقة قد تخالف هذا التصور السائد. إذ تحضر اللغة الفرنسية كواحدة من أهم اللغات العالمية سواء للسفر والدراسة في الخارج، أو لتعزيز فرص العمل. وإذا ما كنت […]
دراسة تخصصين في نفس الوقت.. هل هذا ممكن؟
يواجه طلاب الجامعات سلسلة من القرارات التي على ما يبدو لا تنتهي. تبدأ العملية عند اختيار الجامعة ولا تنتهي حتى التخرج. ينطوي أحد أكبر القرارات على اختيار التخصص، حيث يقضي الطلاب عادةً السنوات القليلة الأولى في استكشاف مواضيع مختلفة. فماذا يحدث إذا كان الطالب لا يستطيع أن يقرر أي مجال دراسي يُريده أو يريد متابعة […]