لو سألت أهالي الطلاب عن أكثر لحظاتهم قلقًا على مستقبل أولادهم بدءًا من يوم ولادتهم لأجاب غالبيتهم بالطبع بالثانوية، تلك المرحلة التي تأخذ كل اهتمام الأهالي وأولياء الأمور بدرجة تجعل منهم وكأنهم هم من يدرسون ويختبرون، وليسوا أبناءهم. هذا لأن الثانوية وبالتحديد الثانوية هذا العام لا تزال في مجتمعاتنا مرحلة مفصلية في مستقبل الابن والابنة، فهي التي تحدد مجال دراسته في الكلية ومن ثم مجال العمل الذي سيدخل فيه في المستقبل.
لا يشك أحد بالطبع أن هذا الاهتمام بدافع الحب وتمني الخير لكنه سلاح ذو حدين ينبغي على الأهالي معرفة كيف يكون مفيدًا وكيف لا يكون ذلك، من هنا نبرز في هذا المقال بعض النصائح لأهالي طلاب الثانوية التي ستجعلهم على وعي أكبر بهه المرحلة وكيف يعبرون بها مع أبنائهم إلى بر الأمان.
1- الثانوية هذا العام ليست كغيرها
مما لا شك فيه أن العالم بأسره يمر هذه الفترة بأزمة كبيرة في ظل الوباء وتعطل للمدارس والجامعات وتحويل جزء كبير منها لتصبح عبر الإنترنت الأمر الذي لم يشهده كثير من الطلاب من قبل، لذا فأول نقطة لابد أن تنتبه إليها كأب أو أم لطالب في الثانوية هذا العام هي أن تتفهموا وضع هذه السنة في ظل هذه الظروف غير العادية.
لذلك من الأفضل الجلوس مع أبنائكم هذه الأيام وسؤالهم عن دراستهم وأحوالهم ومحاولة إزالة تلك الرهبة الموجودة لديهم من النظام الجديد والمذاكرة عبر الإنترنت وغير ذلك، ومحاولة تحفيزهم للوصول إلى أقصى استفادة من تلك المرحلة مع إخبارهم بتفهمكم لظروف هذا العام وما يمر به العالم وبالطبع أبناؤكم أيضًا.
الجدير بالذكر أن منظمة اليونيسيف قد أعددت دليلًا إرشاديًا لأهالي الطلاب في ظل الظروف الاستثنائية هذا العام يمكنكم الاطلاع عليه باللغة العربية من هنا
2- ابنك في الثانوية ليس كابن خالته!
لو كان هناك سببٌ واحدٌ يمكن أن يُعزى إليه ضعف ثقة طالب الثانوية في نفسه فبالتأكيد هذا السبب هو المقارنة!، هذه النقطة التي يقوم بها الكثير من أولياء الأمور مع الأسف بحسن ظن أنها ستحفز من أبنائهم وتقوي مستقبلهم بينما في الحقيقة هي أكبر سلاح لهدم ثقة الابن بنفسه.
ابنك ليس كغيره من الطلاب، وبالتأكيد ليس مثل ابن خالته ولن يكون، لكل شخص أسلوبه الخاص وطريقته في الدراسة وفي الاجتهاد وفي الحياة، فلا يمكن مقارنة أي شخص بشخص آخر، بل الأصح أن تكون المقارنة مع نفسه.
اجعل ابنك يتفوق في الثانوية لأنه يريد أن يتفوق، ولأن هذا مستقبله، ولأن هذا هو الطريق الأنسب لبناء إنسان ناجح، على الأقل في هذه المرحلة،. اجعله يدخل في سباق دائم مع نفسه فقط، لكي يتحسن ويتطور، وابعده عن شبح أي مقارنات قد تؤدي أولًا إلى زرع الحقد والضغينة في شخصيته، وثانيًا إلى إضعاف ثقته بنفسه. اجعله يقرأ أيضًا هذه النصائح التي سردناها سابقًا لطلاب الثانوية من هنا
3- طلاب الثانوية بشرٌ وليسو روبوتات
لا يمكن لأي شخص كائنًا من كان أن يمضي في عمله على مدار سنة كاملة دون أن يأخذ قسطًا من الراحة أو الرفاهية، بل لا يستطيع إنسان أن يقوم بعمل واحد لساعات متتالية دون أخذ قسط من الراحة. مراعاة هذه النقطة أمر حيوي ومفصليّ في مسيرة ابنك، تفهّم احتياجاته ورفاهيته وامنحه أنت أوقات راحة تساعده على أخذ نفسه وتجديد نشاطه وحيويته.
يظن الكثير من أولياء الأمور لطلاب الثانوية أن العمل المستمر والجلوس على الكتاب لست أو سبع أو حتى عشر ساعات يوميًا هو السبيل الوحيد للنجاح، هذا الأمر ليس بصحيح، فكما ذكرنا سابقًا فإن الثانوية ليست سباق يفوز فيها الأسرع أو الأكثر حصدًا لساعات المذاكرة والجلوس على الكتاب، بل هي ماراثون طويل يفوز به من يقوم بتنظيم نفسه ونفسيته ويعرف متى يرتاح ومتى يجتهد ويجدّ.
4- الثانوية هذا العام مختلفة لابنك لكنها كذلك للجميع
كوالد أو والدة لطالب في الثانوية هذا العام ستسمع الكثير من الشائعات عن إلغاء الامتحانات أو وجود نظام جديد أو تغيير وتعديل النظام الحالي وكل هذه الأمور التي قد تجعل القلق يتسرب إليك ومن ثم إلى ابنك. لا تنتبه لكل هذه الأمور، إحدى أهم النقاط التي ينبغي أن تنتبه إليها هي أن النظام يسري على الجميع، لا على ابنك فقط.
هذه المساواة غاية في الأهمية لأن الامتحان في النهاية واحد، والمواد والمناهج كذلك، لذا لا داع للقلق والخوف والاستماع إلى الشائعات، بل إن استمعت إليها لا تسربها إلى ابنك ولا تجعله يقلق ويخاف من تغيير النظام أو تعديل المناهج. أخبره أن كل المطلوب منه هو الاجتهاد أما النتيجة فعلى الله وهو لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
5- نعم هو ابنك لكنه ليس أنت
هذه النصيحة نكتبها بكثير من التواضع والحرج لكن لابد منها، لا أحد يحب أن يكون أحد أفضل منه إلا الوالد والوالدة لابنهم وبنتهم، هذا صحيح تمامًا، لكن هنا شعرة صغيرة بين تمنّي الأفضل لابنك وبين التدخل في حياته برؤيتك أنت فقط دون أي مراعاة لرغباته وما يريد.
ابنك لم يعد صغيرًا، ولن يعتمد عليك في كل شيء، فبعد الثانوية تأتي مرحلة الجامعة بكل ما فيها من انفتاح على الحياة ومن ثم مرحلة سوق العمل التي يفاجأ فيها بأنه لم يعد صغيرًا وأنه لابد أن يعتمد على نفسه.
في مرحلة الثانوية من المهم للغاية أن تكون صديقًا له، لا مرشدًا أو معاتبًا أو معاقبًا، بل اجلس معه وتكلم برفق واستمع إلى رغباته وطموحه، وناقش مدى صلاحية هذه الرغبات للتطبيق في حياته وفي مستقبله. لا نقول بأن تصغي بالكامل لكل ما يقول وإن وجدت خطأ لا تقومه، بل نقول بأن ما يراه ابنك ليس بالضرورة ما تراه، وحين تظهر النتيجة ناقشه في كافة الكليات المتاحة أمامه وتفهم رغبته وحاول أن تساعده على تحقيقها.
في هذه السنة الهامة ما سيتذكره ابنك هو كيف وقفت معه وساندته وتفهمت رغباته وأعطيته قسطًا من الراحة والرفاهية، وفي النهاية أظهرت تفهمك لإرادته وتقديرك لمجهوده أو تدخلك لتصويب ما رأيته خطأ برفق وبلين الصديق والصاحب. هذا ما سيجعل ابنك مؤمنًا بك ويجعلك مؤمنًا به فخورًا بما قدّم في هذه السنة.
Mostafa Elsaied
تصفح المقالاتنرشح لك هذه المقالات
الدراسة في أوكرانيا.. فرصتك الذهبية لدراسة الطب
غالباً ما تتطلب دراسة الطب في الخارج العديد من الشروط والإمكانيات، ولكن ماذا إن أخبرتك أنه بإمكانك الآن تحقيق حلمك والتخصص في المجال الطبي، دون الحاجة إلى استيفاء العديد من المتطلبات والشروط وبتكلفة مادية مناسبة؟ قد يبدو هذا خيالياً، ولكن الدراسة في أوكرانيا ستحقق لك هذه المعادلة التي نادراً ما تتحقق. أوكرانيا الواقعة في أوروبا […]
دليلك الشامل لدراسة التسويق (Marketing) في تركيا
هل تود دراسة التسويق (Marketing) في تركيا؟ في إحصائية بسيطة، نجد أنه وفقًا لتقرير وكالة إحصاءات التعليم العالي بالمملكة المتحدة الصادر في 2018، فإن 79% من الحاصلين على درجة البكالوريوس في التسويق (الماركتنج)، يحصلون على فرصة عمل بدوام كامل بعد انتهائهم من الدراسة، وأن رواتبهم تتراوح بين 20-24 ألف جنيه استرليني. ولكن، ما هو التسويق (Marketing)؟ […]
كيفية تحقيق الأهداف.. إليك نصائح وطرق عملية مجربة
“تذكر أن الهدف، طالما لم يكن مكتوبًا باللون الأسود على أبيض، يظل مجرد أمنية .. فالقلم الرصاص والورقة ينشطان العقل الباطن ويبرمجان الهدف”. رونا هيرمان وكما يقول برايان ترايسي” وضع الأهداف يُتيح لك توجيه رياح التغيير لصالحك” ليكمل روبرت إتش شولر “بأن إنجازات اليوم هي مخاوف البارحة” ورقتين! لنجلس معاً على نفس […]
الدراسة في الخارج: أخطاء الطلاب المستجدين وكيفية تجنبها
تظل مُستيقظًا طِوال الليل، وترمقُ ساعة مُنبهك كُل حين، وتتقلب على سريرك لانتظار لحظة مهمة من حياتك، انتظار بداية رحلة جديدة نحو المستقبل المُشرق في رحلة بدء الدراسة في الخارج. هذهِ الحماسة المُتقدة قبل أول يومٍ دراسي؛ تأخُذُ منحنىً مُبشر لاستعدادك في مرحلتك الدراسية، إلا أن الحمَاس وحدهُ لا يكفي لتأخذ مسارًا جادًا في مشوارك […]
وجهة رائعة: أهم 7 أسباب تدفعك للدراسة في نيوزلندا
بالتأكيد خطر على بالك يومًا أن تقوم بالدراسة في نيوزلندا، فقد يكونُ الجمالُ الخلّاب للطبيعة يهم مُعظم الطلاب الدوليين عند قصدهم لدولة معينة لمواصلة الدراسة، وفي معظم الأحيان الاختيار صعب للغاية من بين الخيارات المُتاحة، الخيار صعب ومهم في ذات الوقت، لأنه يُعد قرارًا مصيريًا يُبنى عليهِ مُستقبل مُتكامل الرؤية. إلى جانب الطقس الرائع والمناظر […]